فاش حطيت أول رجل في المطار ديال كندا عاد تيقنت أن الحلم ولا حقيقة، لقيت "غالية" كاتسناني تما بطوموبيلتها ومشينا عندها للدار. مدينة "Trois-Rivieres" فين كاتسكن "غالية" ماعجباتنيش فاش درت فيها، كاتبان بحال شي عروبية بالمقارنة مع الصورة اللي كنت راسم في بالي، وحتى ناسها كايتصرفو فشي شكل، وكل واحد كايديها فراسو، وواخا كايهدرو باللغة الفرنسية بحال جميع الفرنكوفونيين لكن الطريقة باش كانوا كاينطقوها ماكانتش كاتفهم ليا، ولكن كنت كانقول مع راسي اللهم هنا ولا التشوميرة فذاك الدرب، على الأقل هنا الجو نقي وزوين، وكاينين فرص أكثر.
جلست شي 3 أشهر بلا ماندير والو، كنت كانخرج أنا و"غالية" في عطلة نهاية الأسبوع كانمشيو للمناطق المجاورة للمدينة، وفباقي الأيام كانخرج كاندور بوحدي باش نتعرف أكثر على العادات والأنشطة اللي كاينة بكثرة في كيبيك، واكتشفت أن عندهم خصاص كبير في كل ماكايتعلق بمجال المعلوميات، وهو المجال اللي كانبرع فيه أنا، ولكن إيلا باغي تخدم هنا خاصك الديبلوم لأن المهارة بوحدها ماكاتكفيش، ولكن مصاريف القراية هنا غالية بزاف، ومانقدرش عليها.
فاش شافتني "غالية" متحمس بزاف للفكرة، قررات أنها تكلف ليا بالمصاريف ديال الدراسة كاملة، في الأول مابغيتش باش مانبينش ليها أنني كانستغلها وطامع في فلوسها، وبقينا كانتناقشو حتى وافقت في الأخير على الإقتراح ديالها، بشرط أنني نرجع ليها كاع الفلوس اللي غادي تخسر عليا من بعد مانسالي القراية ونخدم.
كنت كانقرا من 8 ديال الصباح حتال 2 ديال العشية. فذيك الأسابيع الأولى قلبت على خدمة فواحد "الماركت" حدى المعهد فين كانقرا، غير كانسالي القراية كانمشي مباشرة للخدمة كانبدل حوايجي تما وكانبقا خدام حتال 9 ديال الليل، هاذشي ماكنتش كانديرو على قبلي، ولكن كنت كانديرو على ود الواليدة وأختي اللي خاصها مصاريف باش تقرا وتكري في مراكش، لأنني عارف الوضعية كيدايرة.
كنت النهار كاملو وأنا برا الدار، وفاش كانجي كانكون مهلوك وباغي غير نتلاح نعس. غالية مابقاش عاجبها هاذ الوضع، وقررت أنها تبدا تصيفط الفلوس لدارنا لأنني كنت شرحت ليها الوضع من قبل، وفهاذي وافقت في الحال بدون اعتراض، وهاكذا كانت فرأس كل شهر كاتعطيني 3000 درهم باش نصيفطها لأختي.
فاش ساليت مدة التكوين ديالي دوزت بزاف ديال الستاجات في العديد من الشركات. ولقيت أن معظم ذوك الشركات فذاك الوقت مازال باقين كايتعاملو بالوسائل التقليدية في المعاملات ديالهوم، كاتلقى شركة قدهها قداش ومازال كاتعامل بالورقة والستيلو وتاتكلاسي ذاكشي في الأرشيف، وهاذشي اللي كايخلي الموظفين ديالها كايضيعو الوقت بزاف، في حين أن بالإمكان ديالهوم أنهم يقوموا بشغلهم في وقت أسرع وبجهد أقل. واحد النهار فاش كنت تحت الدوش جاتني فكرة، وقلت علاش لا.
الفكرة اللي جاتني هي أنني ندير شركة ديال المعلوميات ونبدا نصايب للشركات برامج معلوماتية ديال الإشتغال، ونربط ليهوم "الريزو" مابين الموظفين، ونصايب ليهوم حتى المواقع باش يقدرو يجلبوا زبناء أكثر، هاكذا بدات الفكرة في الأول، ولكن باش تطبقها على أرض الواقع خاصك فلوس بزاف، وذاكشي اللي ماكانش بالإستطاعة ديالي.
هضرت مع "غالية" عاوتاني اللي كنت ديما كانلجأ ليها فاش كايخصوني الفلوس، وشرحت ليها المشروع بكامل التفاصيل، ولكن بقات ساكتة ماجاوباتني لا بـ "آه" لا بـ "لا".
شعرت بالإحباط ذيك الساعة، لأنها هي الوحيدة اللي تقدر تعاوني وتمول ليا المشروع، لأن الوالد واخا مليونير ماغاديش يعقل عليا فهاذ المسألة. ماحكرتش عليها وخليتها على راحتها، لأنها دارت أكثر من جهدها على قبلي بدون ماتسنى مني مقابل، وممكن أنها ماعندهاش المبلغ اللي أنا محتاجو باش نمول المشروع.
في الغد ليه مع العشرة ديال الصباح فيقني التليفون، جاوبت ولقيتها "غالية" هي اللي معيطة، طلبات مني أنني نلبس حوايجي ونجي نلتحق بها قرب أحد الأبناك، سولتها على السبب قالت لي حتى تجي وتعرف.
وذاكشي فعلا اللي وقع في نصف ساعة كنت عندها. قالت ليا أنها من فاش كان عندها 16 عام وهي كاتخدم وقدرت أنها تجمع أكثر من 200 ألف دولار كندي لحد الساعة، أي حوالي 170 مليون سنتيم مغربي، وأنها تقدر تعطيني المبلغ كاملو إيلا بغيت، لأنها كاتيق فيا وفي فكرة المشروع اللي ناوي ندير، وأنها طلبت تسحب المبلغ بالكامل وطلبو منها أنها تسنى شوية حتى يوفروا ليها المبلغ.
فاش كانت كاتهضر جاتني بحال البكية، وفذيك اللحظة بالذات بديت كانحس براسي أنني وليت كانبغي "غالية" بصح. تسلمات المبلغ ومشينا الدار، فاش دخلنا مدات ليا المبلغ كلو ليا وقالت ليا بالضحك: "عنداك بهاذ الفلوس تمشي تزوج عليا شي مغربية تما من وراء ظهري".
كانت هاذيك أول مرة كانشد بيدي مبلغ كبير لهاذ الدرجة، شعرت براسي باغي نطير بالفرحة، وبعد أيام بديت في الخطوات الأولى من المشروع ديالي.
من بعد الإجرءات القانونية أسست المقاولة ديالي. في الأول كنت كاندير الشغل كاملو، كانمشي عند الشركات بنفسي وكانعرض عليهوم الخدمات ديالي، وكانجي كانقاد ليهوم ذاكشي اللي طالبين مني في المقر ديال الشركة، وبعض المرات كانبقى سهران حتى للصباح باش يكون ذاكشي ديالهوم واجد. ولكن وفواحد المرحلة تزادوا الزبناء بزاف لدرجة أنه ماقدرتش نكمل الخدمة بوحدي، وإيلا بقيت هاكا غادي يمشيو ليا الزبائن بزاف.
كبر المشروع شوية بشوية، وولاو خدامين معايا بزاف ديال الناس، ها اللي مسؤول على المبيعات، ها اللي مسؤول على الإستقبال والتواصل، ها التقنيين المكلفين بإنجاز المواقع...وتطور العمل ديالنا بواحد الوثيرة ماكنتش كانتخيلها، وانتقلنا من ربط الشركات بالريزو وإنشاء المواقع فقط، إلى خدمات إستضافة المواقع وتجهيز مقرات الشركات بكاع ذاكشي اللي خصها من مكاتب وكراسي...
في ظرف سنة تمكنت أنني ندير قرض ونشري طوموبيل وفيلا وانتقلت أنا وغالية باش نعيشو فيها. بعد المرات كنت كانتخلع من كاع هاذشي اللي حققتو فهاذ السن الصغيرة، وكانقول واش هاذشي بصح ولا غير كانحلم.
الزبائن كثروا والفلوس حتى هي كثرات، وهاذشي اللي خلاني نحل فروع جديدة في بزاف ديال المناطق في كندا، والشغل ديالي ولا مقتصر فقط على تسيير هاذ المقرات، واخا تزادت عليا المسؤولية شوية ولكن وليت كاندوز وقت أكثر مع غالية، ولينا فالأسبوع الأخير في كل شهر كانشدو الطيارة وكانسافرو لشي بلاصة، مرة للولايات المتحدة، مرة للمكسيك، مرة لكوبا، وشفت شي بلايص وأماكن عمرني تخيلت أنني نشوفهوم شي نهار.
كنت ديما كانهضر مع الواليدة وأختي كانسول فيهوم، وفراس كل شهر كانصيفط ليهوم الفلوس اللي محتاجين، حتى الوالد كنت كانبزز على راسي وكانعيط ليه مرة مرة نسول فيه، واللي حساب ماقالت ليا الواليدة بقى كيما هو حتى حاجة ماتبدلت فيه، والبخل والشح ديالو غير غادي وكايزيد، وولات الواليدة وقتما هضرات معاه بغات شي حاجة، تايقوليها: "راه عندك ولدك في كندا، قوليها ليه هو".
الأخت ديالي وبحكم أننا كنا ديما قراب وكاتعاود ليا كولشي، خبراتني أنها تعرفات على واحد الطبيب في المستشفى اللي كاتدوز فيه الستاج، وأنه ناوي يجي للدار يخطب، وفرحت ليها بزاف، وكنت كانتسنى غير يجي الصيف باش نمشي للمغرب ونجلس فيه شهر على راحتي ونشوف الدار.
كولشي كان غادي مزيان وعلى أحسن وجه، حتى لذاك النهار اللي صونا فيه التليفون وجاوبت، وتلقيت فذاك الإتصال أكبر صعقة في حياتي.
كنت ناعس ذيك الليلة حتى سمعت الفيكس اللي حدا راسي كايصوني، شفت الساعة لقيتها 5 ديال الصباح. أوه شكون اللي غادي يعيط ليا هاذ الساعة؟
غير قلت "ألو" وأنا نسمع الواليدة كاتبكي، ومن كثرة البكاء ديالها ماقدرتش نفهم أش كاتقول، ولكن عرفت أن شي حاجة خايبة وقعت. مادازش بزاف ديال الوقت حتى سمعتها كاتقول وهي كاتبكي: "باباك مات أولدي الله يرحمو..."
هي بقات كاتهضر ولكن أنا ماقدرتش مازال نسمع، حسيت برجلي خواو، ولساني لصق على فمي، والدوخة شداتني. مابكيتش ولكن حسيت بالدموع هابطين ليا من عينيا، كيفاش مات وغير هاذي يومين عيطت عليه ولقيتو لا باس عليه؟ فاقت غالية وبدات كاتسولني شنو وقع ولكن أنا كان كيبان ليا كولشي مضبب قدامي وكايدوز بحال العرض البطيء. هاذي أول مرة يموت ليا شي حد من العائلة، وشكون مات؟ الواليد.
خرجت والشمس مازال ماطلعات، ركبت طوموبيلتي وبديت كاندور وماعرفت فين نصد ولا نمشي، لأن وقع الصدمة مازال شادني والتفكير ديالي مبلوكي، مشيت حدا الواد وبقيت في الطوموبيل كانتأمل ذوك اللحظات الأولى ديال إشراق الشمس، منظر كان ديما كايعجبني نشوفو، ولكن دابا ولا كايبان ليا كئيب.
بديت كانفكر أشنو غادي ندير، لا بد أنني نمشي للمغرب دابا، عيطت لغالية من هاتف عمومي وبدات كاتسولني فين كاين، وقالت ليا أن الدار كل 5 ديال الدقايق وكايعيطو، حيث خليت البورطابل ديالي في الدار، وخبراتني أنها حجزت ليا في أول طائرة غادية للمغرب ولكن من هنا يومين، فاش سمعت هاذ الخبر زدت تصدمت، لأنه ضروري نكون مع الواليدة وأختي فبحال هاذ الظروف. مشيت البنك جبدت الفلوس وصيفتطهم لأختي، لأنهم غادي يكونوا محتاجين ليها.
من بعد 3 أيام كنت في دارنا، كان الوالد تدفن ذيك الساعة، ومازال الناس كايجيو يقدموا التعازي. ما بغيتش نمشي للمقبرة نزورو، أو بالأحرى ماكانتش عندي القدرة باش نمشي، ولكن في الأخير وبعد الإلحاح ديال الواليدة والعائلة تشجعت ومشيت معاهوم وقريت عليه الفاتحة.
فذيك الليلة أصريت على أنني ننعس في بلاصتو، غير حطيت راسي على المخذة وبداو كايرجعو ليا الذكريات القديمة، كيفاش كنا عزازين عليه وكيفاش كان كيبغينا، سبحان الله في الموت ديما كاتطفو غير الأشياء الجميلة في الذاكرة ديالنا.
مادازش بزاف ديال الوقت حتى شفت القطة الصغيرة ديال الوالد (اللي بدا كايربي فيها من بعد القطة الأولى اللي ماتت ليه) جات عندي ونعست حدايا، وقلت فراسي ربما هاكذا كانت كاتجي عندو في الليل وهاكذا كانت كاتنعس حداه.
فواحد اللحظة وبدون سابق إنذار نضت وهزيت السوارت ديال الطوموبيل اللي كنت كريت في المطار، ومشيت المقبرة في 2 ديال الليل، توجهت مباشرة للقبر ديال الوالد وماشعرت براسي حتى طحت عند قبر الوالد وبديت كانبكي، كاع ذوك الدموع اللي كنت حابسهوم ذيك الأيام كاملين خرجو ذيك الساعة، وبقيت هاكاك كانبكي حتى وقف عليا العساس ديال المقبرة اللي كان كيسحاب ليه غير شي حد كاينبش القبور لأعمال السحر والشعوذة، واللي أثار الإنتباه الضوء ديال "البيل" اللي كنت هاز فيدي، وهو اللي مسكين وقفني وداني حتال الطوموبيل وبقى معايا كيواسيني حتى حسيت براسي شوية.
بقيت شي 10 أيام في المغرب، عرفت فذيك المدة أن الوالد كان عندو مشكل في الشرايين ديال القلب، وأن الأطباء كانوا نصحوه باش يشرب الدواء ويتبع نظام غذائي ويدير الرياضة، لكن مادار حتى حاجة من هاذشي، وبقى كايمارس نفس العادات الروتينية ديالو حتى دا مول الأمانة أمانتو.
موت الوالد خلا بعض الناس يبداو يهضرو، ها اللي كايقول "فلوس الحرام خرجات فيه"، ها اللي يقول: "إن الله يمهل ولا يهمل"، وكاين اللي وصلات بيه الوقاحة حتى يقول: "ماشفتو والو، دابا تخرج ليه شي مصيبة في ولادو"...
هاذ الهضرة والعقلية ديال بنادم ماقدرتش مازال نصبر عليها ولا نستحملها، شنو ذنبنا حنا إيلا كان الوالد الله يرحمو مقامر؟ وباش كايقهروك كايبداو يستشهدوا بآيات وأحاديث واخا ماشي في نفس السياق، ونساو أن الرسول (ص) وصانا بالموتى وأننا نذكروهوم غير بالخير.
قررت أنني نرجع لكندا، على أساس نجي في الصيف أنا وغالية مجموعين. وفذيك المدة بديت كانفكر أنا وأختي والواليدة أش غادي نديرو بذيك 2 المليار كاملة. أنا خرج ليا في الإرث مليار و167 مليون، والأخت ديالي 583 مليون، أما الواليدة جاها 250 مليون. أنا والواليدة كانت عندنا قناعة أن ذيك الفلوس حرام، وأننا ماخاصناش نتصرفو فيها نهائيا، أما الأخت ديالي كان عندها رأي مغاير، وبغات تشد النصيب ديالها، وتدير عيادة ديالها فاش تسالي قرايتها في كلية الطب.
حتى أنا واخا معارض، لكن النفس طماعة وكنت كانقول علاش مانستتمرش ذيك الفلوس في المغرب ونكبر المشروع اللي بديتو في كندا. كان كايطير عليا النعاس في الليل وكانبقى نفكر، استشرت مع بزاف ديال الفقهاء في الدين في كندا وحتى في المغرب، وكولهوم قالوا ليا أنه مادام أنكم عارفين مصدر ذيك الفلوس حرام فهي شرعا لا تجوز. وفي الأخير قررت أنني نتبرع بالنصيب ديالي كامل لشي جمعية خيرية في المغرب، ونخرج من باب واسع، وذاكشي نيت اللي قالت ليا الواليدة، خصوصا أن الشركة ديالي كاتحقق أرباح كبيرة وماغاديش نحتاج ندخل ليها فلوس حرام.
غالية كان عندها اقتراح مغاير، قالت ليا عوض أنك تصدق بنصيبك من الإرث كامل دقة وحدة، علاش ماديرش تمويل للجمعيات النسوية في العروبيات، وتمول المشاريع الصغرى للشباب، وتقدر تجيب ليك أرباح وهي نفسها تزيد نكبر بها مشاريع خيرية أخرى، هاكا غادي يبقاو الناس ديما يستافدوا، وتكون أنت درتي الخير بلا مانشد حتى درهم من الفلوس الحرام، وفعلا فاش استشرت الناس ديال الدين عجباتهوم الفكرة وأيدوها، واخا أنهم قالوا ليا أن مافيهاش الأجر، ولكن مساعدة الناس هي بحد ذاتها شيء إيجابي.
وذاكشي نيت اللي درت، جيت أنا وغالية للمغرب وأسسنا بزاف ديال التعاونيات، ها ديال الزيوت الطبيعية، ها ديال تربية الدواجن، ها ديال الزراعة العضوية...واستافدوا بزاف ديال الناس اللي كانوا محتاجين للمساعدة، وجميع ذيك الأرباح اللي كانت كاتجينا كانخليوها معزولة بوحدها وكانخدموها فقط باش نزيدو نكبروا المشاريع الخيرية اللي كانديرو.
هاذشي داز عليه دابا شي 7 سنين، الأخت ديالي دارت التخصص وكملت قرايتها في الطب، ودابا كاتدير اللمسات الأخيرة للمشروع ديالها مع راجلها اللي غادي يكون عبارة عن "كلينيك"، وأنا جيت للمغرب حليت فرع جديد للمقاولة ديالي اللي بديتها في كندا، بلا مانستعمل حتى درهم من الفلوس اللي خلا الوالد، وأموري غادية مزيان والحمد لله.
قصتي علماتني بزاف ديال الحوايج، أول هاذ الحوايج هي أن دوام الحال من المحال وأن الإنسان ماخاصوش يتغر بذاكشي اللي عندو، لأنه في أي لحظة يمكن يتغير كولشي. أن الله ماحرمش شي حاجة حتى كانت عندها أسباب، وأننا إيلا تفادينا ذاكشي اللي حرم غادي يجازينا ويعوضنا أخير منها لا في الدنيا ولا في الأخرة. تعلمت أن بعض المرات تقدر تلقى الخير فشي ناس بعادين عليك وماتلقاهش مع أقرب المقربين ليك. تعلمت أنه بالإرادة والعزيمة والثقة في النفس والتخطيط أي واحد يقدر يحقق المستحيل وينجح فذاكشي اللي دار. تعلمت أن الموت تقدر تحرمك في أي لحظة من أقرب الناس ليك بدون مقدمة ولا إشعار. تعلمت أنني مانسمعش ومانديهاش في هضرة الناس وندير ذاكشي اللي قاليا راسي، لأن حتى حد ماغادي يعرف مصلحتي أكثر مني...
أنا عبد الحكيم، وهاذي قصتي.
انتهى
جلست شي 3 أشهر بلا ماندير والو، كنت كانخرج أنا و"غالية" في عطلة نهاية الأسبوع كانمشيو للمناطق المجاورة للمدينة، وفباقي الأيام كانخرج كاندور بوحدي باش نتعرف أكثر على العادات والأنشطة اللي كاينة بكثرة في كيبيك، واكتشفت أن عندهم خصاص كبير في كل ماكايتعلق بمجال المعلوميات، وهو المجال اللي كانبرع فيه أنا، ولكن إيلا باغي تخدم هنا خاصك الديبلوم لأن المهارة بوحدها ماكاتكفيش، ولكن مصاريف القراية هنا غالية بزاف، ومانقدرش عليها.
فاش شافتني "غالية" متحمس بزاف للفكرة، قررات أنها تكلف ليا بالمصاريف ديال الدراسة كاملة، في الأول مابغيتش باش مانبينش ليها أنني كانستغلها وطامع في فلوسها، وبقينا كانتناقشو حتى وافقت في الأخير على الإقتراح ديالها، بشرط أنني نرجع ليها كاع الفلوس اللي غادي تخسر عليا من بعد مانسالي القراية ونخدم.
كنت كانقرا من 8 ديال الصباح حتال 2 ديال العشية. فذيك الأسابيع الأولى قلبت على خدمة فواحد "الماركت" حدى المعهد فين كانقرا، غير كانسالي القراية كانمشي مباشرة للخدمة كانبدل حوايجي تما وكانبقا خدام حتال 9 ديال الليل، هاذشي ماكنتش كانديرو على قبلي، ولكن كنت كانديرو على ود الواليدة وأختي اللي خاصها مصاريف باش تقرا وتكري في مراكش، لأنني عارف الوضعية كيدايرة.
كنت النهار كاملو وأنا برا الدار، وفاش كانجي كانكون مهلوك وباغي غير نتلاح نعس. غالية مابقاش عاجبها هاذ الوضع، وقررت أنها تبدا تصيفط الفلوس لدارنا لأنني كنت شرحت ليها الوضع من قبل، وفهاذي وافقت في الحال بدون اعتراض، وهاكذا كانت فرأس كل شهر كاتعطيني 3000 درهم باش نصيفطها لأختي.
فاش ساليت مدة التكوين ديالي دوزت بزاف ديال الستاجات في العديد من الشركات. ولقيت أن معظم ذوك الشركات فذاك الوقت مازال باقين كايتعاملو بالوسائل التقليدية في المعاملات ديالهوم، كاتلقى شركة قدهها قداش ومازال كاتعامل بالورقة والستيلو وتاتكلاسي ذاكشي في الأرشيف، وهاذشي اللي كايخلي الموظفين ديالها كايضيعو الوقت بزاف، في حين أن بالإمكان ديالهوم أنهم يقوموا بشغلهم في وقت أسرع وبجهد أقل. واحد النهار فاش كنت تحت الدوش جاتني فكرة، وقلت علاش لا.
الفكرة اللي جاتني هي أنني ندير شركة ديال المعلوميات ونبدا نصايب للشركات برامج معلوماتية ديال الإشتغال، ونربط ليهوم "الريزو" مابين الموظفين، ونصايب ليهوم حتى المواقع باش يقدرو يجلبوا زبناء أكثر، هاكذا بدات الفكرة في الأول، ولكن باش تطبقها على أرض الواقع خاصك فلوس بزاف، وذاكشي اللي ماكانش بالإستطاعة ديالي.
هضرت مع "غالية" عاوتاني اللي كنت ديما كانلجأ ليها فاش كايخصوني الفلوس، وشرحت ليها المشروع بكامل التفاصيل، ولكن بقات ساكتة ماجاوباتني لا بـ "آه" لا بـ "لا".
شعرت بالإحباط ذيك الساعة، لأنها هي الوحيدة اللي تقدر تعاوني وتمول ليا المشروع، لأن الوالد واخا مليونير ماغاديش يعقل عليا فهاذ المسألة. ماحكرتش عليها وخليتها على راحتها، لأنها دارت أكثر من جهدها على قبلي بدون ماتسنى مني مقابل، وممكن أنها ماعندهاش المبلغ اللي أنا محتاجو باش نمول المشروع.
في الغد ليه مع العشرة ديال الصباح فيقني التليفون، جاوبت ولقيتها "غالية" هي اللي معيطة، طلبات مني أنني نلبس حوايجي ونجي نلتحق بها قرب أحد الأبناك، سولتها على السبب قالت لي حتى تجي وتعرف.
وذاكشي فعلا اللي وقع في نصف ساعة كنت عندها. قالت ليا أنها من فاش كان عندها 16 عام وهي كاتخدم وقدرت أنها تجمع أكثر من 200 ألف دولار كندي لحد الساعة، أي حوالي 170 مليون سنتيم مغربي، وأنها تقدر تعطيني المبلغ كاملو إيلا بغيت، لأنها كاتيق فيا وفي فكرة المشروع اللي ناوي ندير، وأنها طلبت تسحب المبلغ بالكامل وطلبو منها أنها تسنى شوية حتى يوفروا ليها المبلغ.
فاش كانت كاتهضر جاتني بحال البكية، وفذيك اللحظة بالذات بديت كانحس براسي أنني وليت كانبغي "غالية" بصح. تسلمات المبلغ ومشينا الدار، فاش دخلنا مدات ليا المبلغ كلو ليا وقالت ليا بالضحك: "عنداك بهاذ الفلوس تمشي تزوج عليا شي مغربية تما من وراء ظهري".
كانت هاذيك أول مرة كانشد بيدي مبلغ كبير لهاذ الدرجة، شعرت براسي باغي نطير بالفرحة، وبعد أيام بديت في الخطوات الأولى من المشروع ديالي.
من بعد الإجرءات القانونية أسست المقاولة ديالي. في الأول كنت كاندير الشغل كاملو، كانمشي عند الشركات بنفسي وكانعرض عليهوم الخدمات ديالي، وكانجي كانقاد ليهوم ذاكشي اللي طالبين مني في المقر ديال الشركة، وبعض المرات كانبقى سهران حتى للصباح باش يكون ذاكشي ديالهوم واجد. ولكن وفواحد المرحلة تزادوا الزبناء بزاف لدرجة أنه ماقدرتش نكمل الخدمة بوحدي، وإيلا بقيت هاكا غادي يمشيو ليا الزبائن بزاف.
كبر المشروع شوية بشوية، وولاو خدامين معايا بزاف ديال الناس، ها اللي مسؤول على المبيعات، ها اللي مسؤول على الإستقبال والتواصل، ها التقنيين المكلفين بإنجاز المواقع...وتطور العمل ديالنا بواحد الوثيرة ماكنتش كانتخيلها، وانتقلنا من ربط الشركات بالريزو وإنشاء المواقع فقط، إلى خدمات إستضافة المواقع وتجهيز مقرات الشركات بكاع ذاكشي اللي خصها من مكاتب وكراسي...
في ظرف سنة تمكنت أنني ندير قرض ونشري طوموبيل وفيلا وانتقلت أنا وغالية باش نعيشو فيها. بعد المرات كنت كانتخلع من كاع هاذشي اللي حققتو فهاذ السن الصغيرة، وكانقول واش هاذشي بصح ولا غير كانحلم.
الزبائن كثروا والفلوس حتى هي كثرات، وهاذشي اللي خلاني نحل فروع جديدة في بزاف ديال المناطق في كندا، والشغل ديالي ولا مقتصر فقط على تسيير هاذ المقرات، واخا تزادت عليا المسؤولية شوية ولكن وليت كاندوز وقت أكثر مع غالية، ولينا فالأسبوع الأخير في كل شهر كانشدو الطيارة وكانسافرو لشي بلاصة، مرة للولايات المتحدة، مرة للمكسيك، مرة لكوبا، وشفت شي بلايص وأماكن عمرني تخيلت أنني نشوفهوم شي نهار.
كنت ديما كانهضر مع الواليدة وأختي كانسول فيهوم، وفراس كل شهر كانصيفط ليهوم الفلوس اللي محتاجين، حتى الوالد كنت كانبزز على راسي وكانعيط ليه مرة مرة نسول فيه، واللي حساب ماقالت ليا الواليدة بقى كيما هو حتى حاجة ماتبدلت فيه، والبخل والشح ديالو غير غادي وكايزيد، وولات الواليدة وقتما هضرات معاه بغات شي حاجة، تايقوليها: "راه عندك ولدك في كندا، قوليها ليه هو".
الأخت ديالي وبحكم أننا كنا ديما قراب وكاتعاود ليا كولشي، خبراتني أنها تعرفات على واحد الطبيب في المستشفى اللي كاتدوز فيه الستاج، وأنه ناوي يجي للدار يخطب، وفرحت ليها بزاف، وكنت كانتسنى غير يجي الصيف باش نمشي للمغرب ونجلس فيه شهر على راحتي ونشوف الدار.
كولشي كان غادي مزيان وعلى أحسن وجه، حتى لذاك النهار اللي صونا فيه التليفون وجاوبت، وتلقيت فذاك الإتصال أكبر صعقة في حياتي.
كنت ناعس ذيك الليلة حتى سمعت الفيكس اللي حدا راسي كايصوني، شفت الساعة لقيتها 5 ديال الصباح. أوه شكون اللي غادي يعيط ليا هاذ الساعة؟
غير قلت "ألو" وأنا نسمع الواليدة كاتبكي، ومن كثرة البكاء ديالها ماقدرتش نفهم أش كاتقول، ولكن عرفت أن شي حاجة خايبة وقعت. مادازش بزاف ديال الوقت حتى سمعتها كاتقول وهي كاتبكي: "باباك مات أولدي الله يرحمو..."
هي بقات كاتهضر ولكن أنا ماقدرتش مازال نسمع، حسيت برجلي خواو، ولساني لصق على فمي، والدوخة شداتني. مابكيتش ولكن حسيت بالدموع هابطين ليا من عينيا، كيفاش مات وغير هاذي يومين عيطت عليه ولقيتو لا باس عليه؟ فاقت غالية وبدات كاتسولني شنو وقع ولكن أنا كان كيبان ليا كولشي مضبب قدامي وكايدوز بحال العرض البطيء. هاذي أول مرة يموت ليا شي حد من العائلة، وشكون مات؟ الواليد.
خرجت والشمس مازال ماطلعات، ركبت طوموبيلتي وبديت كاندور وماعرفت فين نصد ولا نمشي، لأن وقع الصدمة مازال شادني والتفكير ديالي مبلوكي، مشيت حدا الواد وبقيت في الطوموبيل كانتأمل ذوك اللحظات الأولى ديال إشراق الشمس، منظر كان ديما كايعجبني نشوفو، ولكن دابا ولا كايبان ليا كئيب.
بديت كانفكر أشنو غادي ندير، لا بد أنني نمشي للمغرب دابا، عيطت لغالية من هاتف عمومي وبدات كاتسولني فين كاين، وقالت ليا أن الدار كل 5 ديال الدقايق وكايعيطو، حيث خليت البورطابل ديالي في الدار، وخبراتني أنها حجزت ليا في أول طائرة غادية للمغرب ولكن من هنا يومين، فاش سمعت هاذ الخبر زدت تصدمت، لأنه ضروري نكون مع الواليدة وأختي فبحال هاذ الظروف. مشيت البنك جبدت الفلوس وصيفتطهم لأختي، لأنهم غادي يكونوا محتاجين ليها.
من بعد 3 أيام كنت في دارنا، كان الوالد تدفن ذيك الساعة، ومازال الناس كايجيو يقدموا التعازي. ما بغيتش نمشي للمقبرة نزورو، أو بالأحرى ماكانتش عندي القدرة باش نمشي، ولكن في الأخير وبعد الإلحاح ديال الواليدة والعائلة تشجعت ومشيت معاهوم وقريت عليه الفاتحة.
فذيك الليلة أصريت على أنني ننعس في بلاصتو، غير حطيت راسي على المخذة وبداو كايرجعو ليا الذكريات القديمة، كيفاش كنا عزازين عليه وكيفاش كان كيبغينا، سبحان الله في الموت ديما كاتطفو غير الأشياء الجميلة في الذاكرة ديالنا.
مادازش بزاف ديال الوقت حتى شفت القطة الصغيرة ديال الوالد (اللي بدا كايربي فيها من بعد القطة الأولى اللي ماتت ليه) جات عندي ونعست حدايا، وقلت فراسي ربما هاكذا كانت كاتجي عندو في الليل وهاكذا كانت كاتنعس حداه.
فواحد اللحظة وبدون سابق إنذار نضت وهزيت السوارت ديال الطوموبيل اللي كنت كريت في المطار، ومشيت المقبرة في 2 ديال الليل، توجهت مباشرة للقبر ديال الوالد وماشعرت براسي حتى طحت عند قبر الوالد وبديت كانبكي، كاع ذوك الدموع اللي كنت حابسهوم ذيك الأيام كاملين خرجو ذيك الساعة، وبقيت هاكاك كانبكي حتى وقف عليا العساس ديال المقبرة اللي كان كيسحاب ليه غير شي حد كاينبش القبور لأعمال السحر والشعوذة، واللي أثار الإنتباه الضوء ديال "البيل" اللي كنت هاز فيدي، وهو اللي مسكين وقفني وداني حتال الطوموبيل وبقى معايا كيواسيني حتى حسيت براسي شوية.
بقيت شي 10 أيام في المغرب، عرفت فذيك المدة أن الوالد كان عندو مشكل في الشرايين ديال القلب، وأن الأطباء كانوا نصحوه باش يشرب الدواء ويتبع نظام غذائي ويدير الرياضة، لكن مادار حتى حاجة من هاذشي، وبقى كايمارس نفس العادات الروتينية ديالو حتى دا مول الأمانة أمانتو.
موت الوالد خلا بعض الناس يبداو يهضرو، ها اللي كايقول "فلوس الحرام خرجات فيه"، ها اللي يقول: "إن الله يمهل ولا يهمل"، وكاين اللي وصلات بيه الوقاحة حتى يقول: "ماشفتو والو، دابا تخرج ليه شي مصيبة في ولادو"...
هاذ الهضرة والعقلية ديال بنادم ماقدرتش مازال نصبر عليها ولا نستحملها، شنو ذنبنا حنا إيلا كان الوالد الله يرحمو مقامر؟ وباش كايقهروك كايبداو يستشهدوا بآيات وأحاديث واخا ماشي في نفس السياق، ونساو أن الرسول (ص) وصانا بالموتى وأننا نذكروهوم غير بالخير.
قررت أنني نرجع لكندا، على أساس نجي في الصيف أنا وغالية مجموعين. وفذيك المدة بديت كانفكر أنا وأختي والواليدة أش غادي نديرو بذيك 2 المليار كاملة. أنا خرج ليا في الإرث مليار و167 مليون، والأخت ديالي 583 مليون، أما الواليدة جاها 250 مليون. أنا والواليدة كانت عندنا قناعة أن ذيك الفلوس حرام، وأننا ماخاصناش نتصرفو فيها نهائيا، أما الأخت ديالي كان عندها رأي مغاير، وبغات تشد النصيب ديالها، وتدير عيادة ديالها فاش تسالي قرايتها في كلية الطب.
حتى أنا واخا معارض، لكن النفس طماعة وكنت كانقول علاش مانستتمرش ذيك الفلوس في المغرب ونكبر المشروع اللي بديتو في كندا. كان كايطير عليا النعاس في الليل وكانبقى نفكر، استشرت مع بزاف ديال الفقهاء في الدين في كندا وحتى في المغرب، وكولهوم قالوا ليا أنه مادام أنكم عارفين مصدر ذيك الفلوس حرام فهي شرعا لا تجوز. وفي الأخير قررت أنني نتبرع بالنصيب ديالي كامل لشي جمعية خيرية في المغرب، ونخرج من باب واسع، وذاكشي نيت اللي قالت ليا الواليدة، خصوصا أن الشركة ديالي كاتحقق أرباح كبيرة وماغاديش نحتاج ندخل ليها فلوس حرام.
غالية كان عندها اقتراح مغاير، قالت ليا عوض أنك تصدق بنصيبك من الإرث كامل دقة وحدة، علاش ماديرش تمويل للجمعيات النسوية في العروبيات، وتمول المشاريع الصغرى للشباب، وتقدر تجيب ليك أرباح وهي نفسها تزيد نكبر بها مشاريع خيرية أخرى، هاكا غادي يبقاو الناس ديما يستافدوا، وتكون أنت درتي الخير بلا مانشد حتى درهم من الفلوس الحرام، وفعلا فاش استشرت الناس ديال الدين عجباتهوم الفكرة وأيدوها، واخا أنهم قالوا ليا أن مافيهاش الأجر، ولكن مساعدة الناس هي بحد ذاتها شيء إيجابي.
وذاكشي نيت اللي درت، جيت أنا وغالية للمغرب وأسسنا بزاف ديال التعاونيات، ها ديال الزيوت الطبيعية، ها ديال تربية الدواجن، ها ديال الزراعة العضوية...واستافدوا بزاف ديال الناس اللي كانوا محتاجين للمساعدة، وجميع ذيك الأرباح اللي كانت كاتجينا كانخليوها معزولة بوحدها وكانخدموها فقط باش نزيدو نكبروا المشاريع الخيرية اللي كانديرو.
هاذشي داز عليه دابا شي 7 سنين، الأخت ديالي دارت التخصص وكملت قرايتها في الطب، ودابا كاتدير اللمسات الأخيرة للمشروع ديالها مع راجلها اللي غادي يكون عبارة عن "كلينيك"، وأنا جيت للمغرب حليت فرع جديد للمقاولة ديالي اللي بديتها في كندا، بلا مانستعمل حتى درهم من الفلوس اللي خلا الوالد، وأموري غادية مزيان والحمد لله.
قصتي علماتني بزاف ديال الحوايج، أول هاذ الحوايج هي أن دوام الحال من المحال وأن الإنسان ماخاصوش يتغر بذاكشي اللي عندو، لأنه في أي لحظة يمكن يتغير كولشي. أن الله ماحرمش شي حاجة حتى كانت عندها أسباب، وأننا إيلا تفادينا ذاكشي اللي حرم غادي يجازينا ويعوضنا أخير منها لا في الدنيا ولا في الأخرة. تعلمت أن بعض المرات تقدر تلقى الخير فشي ناس بعادين عليك وماتلقاهش مع أقرب المقربين ليك. تعلمت أنه بالإرادة والعزيمة والثقة في النفس والتخطيط أي واحد يقدر يحقق المستحيل وينجح فذاكشي اللي دار. تعلمت أن الموت تقدر تحرمك في أي لحظة من أقرب الناس ليك بدون مقدمة ولا إشعار. تعلمت أنني مانسمعش ومانديهاش في هضرة الناس وندير ذاكشي اللي قاليا راسي، لأن حتى حد ماغادي يعرف مصلحتي أكثر مني...
أنا عبد الحكيم، وهاذي قصتي.
انتهى