الغياب ديال الوالد المفاجئ والتصرفات ديالو الأخيرة معانا خلاتنا نبداو نشكوا أنه غادي يسمح فينا ويمشي، خصوصا وأنه دابا ولا مليونير. هاكا كنا كانعتاقدوا ونفكروا، وهاذ الشك كان كايزيد يكبر مع مرور الوقت. حتال ذيك الليلة اللي كنت كانبدل فيها حوايجي فبيتي وسمعت الباب ديال الدار تحل.
مشيت بالجرى للجيهة ديال الباب نشوف شكون، واخا مازال ماكملتش حوايجي في اللبوس، هو يبان ليا الوالد كايسد في الباب ديال الدار وهاز فيديه الصاك ديالو...فذيك اللحظة تبلوكيت ماعرفت ماندير، واش نمشي نتلاح عليه نعنقو ولا نرجع لبيتي نلبس حوايجي عاد نسلم عليه، ولكن مشيت تلاحيت ليه على ظهرو وعنقتو، وحتى هو فاش شافني فرح وعنقني، وتمنيتو فذيك اللحظة يرجع الأب ديالي كيما كنت كانعرفو من قبل، ولكن للأسف حتى حاجة من ذاكشي ماكانت.
أختي سلوى فاش سمعت غواتي بالفرحة ديال رجوع الوالد خرجات حتى هي من بيتها ومشات بالجرى عنده وتلاحت عليه عنقاتو وبدات كاتبكي، أما الواليدة غير طلات شافت أش كاين وهي ترجع لبيتها بلا ماتسلم عليه. وحالة البرود بيناتهوم بدات من ذاك النهار وبقات لمدة طويلة من بعد.
الخبر ديال فوز الوالد ديالي في اللوطو انتشر في الدرب كامل، والناس اللي كانوا كايعيطو عليا بولد السي الفقيه أو ولد الأستاذ دابا ولاو كايعيطو عليا بولد المليونير.
فذيك اليامات اللي من بعد بداو العائلة والجيران كايجيو يباركوا للوالد الربحة ديالو في اللوطو. كان كايشعر في الأول بنوع من الإحراج خصوصا وأنهم ولفوه متدين وداخل سوق راسو، ولكن مع مرور الوقت ولا كايجيه الأمر عادي.
الدار كانت ماكاتخواش بالناس. كانوا شي عناصر ماعندهومش علاش يحشموا، ها اللي جاي يخطب فأختي سلوى، ها اللي كايطلب من الوالد يسلفو الفلوس، ها اللي كايقترح عليه يدخل فشي مشروع...ولكن اللي جاب ليا التمام هو فاش جا عمي وعائلتو اللي عمرني ماشفتهوم.
سمعت الدقان في الدار بالجهد حتى قفزت من بلاصتي بالخلعة. آوه شكون غادي يدق علينا بهاذ الطريقة؟ حليت الباب لقيت واحد السيد واقف ومعاه امرأة وجوج بنات، الكبيرة فيهوم كاتبان قدي في السن، غير حليت الباب وهو يتم داخل للدار.
ـ أفين باغي تدخل أ الشريف؟
دار لجيهتي بحالا يالاه شافني: "أهلا عبد الحكيم ولدي، لاباس عليك؟ وا كبرتي تبارك الله. واش ماعرفتينيش؟"
قلت ليه :"لا سمح ليا ماعرفتكش، شكون أنت؟"
جاوبني قاليا: "أنا عمك عمر ديال الجديدة".
فذيك اللحظة جات عندنا الواليدة ورحبات بيهوم وقالت ليهوم باش يتفضلو. جلسوا في الصالون وجات أختي سلوى سلمت عليهوم وتبعت الواليدة للكوزينة، واضطريت أنني نبقى جالس معاهوم في الصالون.
هاذ الناس مادخلوش ليا لقلبي والو، الهضرة ديالهوم باسلة وكايحنززو فيا بحالا عمرهوم ماشافوا بنادم. ماقدرتش مازال نزيد نبقى جالس معاهوم وخليتهم ومشيت.
هاذ عمي هو معلم وساكن في الجديدة، كان كل صيف كايجي يهبط لآسفي، وعمرو في حياتو مافكر أنه يجي يزورنا ويشوف ولاد خوه، علاش دابا يالاه بان؟ وأش جابو لعندنا؟
خرجت ومشيت للقهوة اللي كايجلس فيها الوالد باش نعلمو أن خوه جا عندنا للدار وكايتسنى فيه، غير قلتها ليه وهو يتفاجئ ودار فيا واحد الدورة خايبة: "تفو ماكاتجيب ليا غير الأخبار المكفسة بحال وجهك". ماعرفتش علاش عايرني بحال هاكا، وأنا مادرت والو غير خبرتو وصافي، إيلا كانت شي عداوة كبيرة بيناتهوم أنا مالي.
خليت الوالد في القهوة ومشيت لـ "البارك" فين تايكونو ولاد الدربمجموعين، مابغيتش نرجع للدار وذوك القماقم مازال كاينين. غير شافوني الدراري صحابي وهوما بداو يغوتو، ها اللي يقول "هاهو ولد المليونير جا"، ها اللي كايهنئني واخا ماكانعرفوش. مالقيتش راحتي، خليتهوم ومشيت كانتسركل شوية ورجعت فحالي للدار.
فاش رجعت للدار لقيت الوالد جالس مع عمي في الصالون وكاتبان ليه في الملامح ديالو بحالا ماحاملش يجلس معاه. طلعت مباشرة لعند أختي سلوى للبيت ديالها ولكن لقيت بنات عمي معاها. شدني الفضول نسمع علاش كايهضر عمي والوالد حيث نقدر نفهم علاش جاو لعندنا. مشيت وجلست في الدروج اللي حدى الصالون فين مريحين وبديت نطلق وذني.
عمي: "كي شفتي دابا الوالد الله يرحمو راه وصانا باش نبقاو مجموعين ديما، ووصيتو ماخاصهاش تنسى".
الوالد: "فين كانت هاذ الوصية فاش وقفتي لينا العصى في الرويضة وبعتي حقك في الورث ودخلتي علينا البراني للدار؟".
عمي: "واصافي خلاص، ذاكشي راه فات، وكنت ذيك الساعة مزير شوية على الفلوس، هذا ماكان".
الوالد: "يمكن نعرف شنو فكرك فينا دابا؟".
عمي: "واغير سمعت أنك ربحتي في اللوطو وبغينا نجيو نبارك ليك، ومنها نيت نصلو الرحم، والوليدات يتعرفو على بعضياتهوم"
فذيك اللحظة جاني تليفون وطلعت للسطح نهدر وخليتهوم مكملين الجماعة، مادازش بزاف ديال الوقت حتى سمعت الواليدة كاتعيط عليا وسخراتني باش نجيب المونادا باش نتغداو.
الأغلبية ديال مالين الحوانت في الدرب كايسدو فهاذ الوقيتة، وكنت مضطر أنني نضرب جبدة باش نلقى شي حانوت حال. مشيت "الميني ماركت" تقديت ذاكشي اللي خاص ورجعت للدار.
فاش دخلت لقيت غير الوالد في الصالون، كاعي وكايسب وكايهضر غير مع راسو. مشيت عند الواليدة في الكوزينة سولتها أش كاين، قالت ليا بأن الوالد وعمي تخاصمو وعيط عمي على مرتو وبناتو ومشاو.
فذيك اللحظة اللي بغيت نسولها على السبب، سمعنا شي حاجة كبيرة تهرسات في الصالون، مشينا كانتجاراو نشوفو أش كاين، لقينا المرايا الكبيرة ديال الصالون مهرسة والدم تايقطر من يد الوالد، وكايغوت بواحد الطريقة هستيرية: "كلكم طماعة، كلكم...حتى حد فيكوم مايبقى يطلب مني شي حاجة، ذاك السنتيم الأخر والله لا بقيتو شفتوه من عندي...
بقعة كبيرة ديال الدم كانت في الصالون، خرج الوالد بالجرى وتبعاتو الواليدة للسبيطار، وبقيت أنا وأختي سلوى في الدار. سولتها بانفعال بغيت نعرف منها أش جرا حتى خلا الوالد يتنرفز لهاذ الدرجة، وهي كانت كاتحاول تجاوبني ولكن ماقدراتش بسبب البكاء، ديتها لبيتها ومسحت ليها دموعها، وتسنيتها حتى بدلات حوايجها وخرجنا بالزربة لحقنا عليهوم السبيطار.
في الطريق قالت ليا أن ذاك عمي طلب من الوالد 50 مليون باش يحل شي قهوة، والوالد غير سمع الفلوس وهو يبدا يغوت ويتصرف بشكل هستيري، وذاكشي اللي واقيلا خلاه يضرب يديه مع المرايا اللي كانت في الصالون.
فاش وصلنا للسبيطار لقينا الواليدة واقفة كاتسنى حدا غرفة الإنعاش. الوالد تقطع ليه العرق ديال يديه وفقد بزاف ديال الدم، ودخل في مرحلة غيبوبة. كنا كلنا كانبكو. كان كايسحاب لينا واش كانكرهوه بسبب ذاكشي اللي داير فينا، ولكن فذيك اللحظة الحرجة حسينا بيه عزيز علينا وبغيناه يبقى بيناتنا. دازت العملية بنجاح، ودوز شي يامات في السبيطار ورجع للدار.
بعد ذيك الحادثة كان يسحاب لينا أن تصرفات ديال الوالد غادي تحسن اتجاهنا، لكن غير زادت وتكفسات، وولا بحال شي شخص ماكنعرفوهش. دار تقاعد نسبي من الخدمة وولا النهار وماطال وهو جالس في الدار وقليل بزاف فاش كايخرج للزنقة.
شرى فوقية وبلغة كايظل بيهم النهار كامل حتى كايبغي ينعس عاد كايحيدهوم، ولا توسخوا كايمشي يصبنهم بيديه ويتسناهوم حتى ينشفو عاد يقدر يخرج. كايكون غادي كايتمشى في الزنقة وكايبقى يتلفت بحالا تابعينو الشفارة، أما إيلا وقفو شي حد من الجيران ولا غير بغى يسلم عليه، كايشوفيه بنظرات ديال الريبة والشك وكايخليه ويمشي، وحتى السلام مابقى يسلمو. وباش زاد كملها بدى شرى قطة صفراء صغيرة، كايهزها وكايخرجها معاه برا الزنقة حتى بداو الناس كايسموه "أبو هريرة".
طلعت أنا وختي سلوى للسنة الثانية من الباكالوريا، والوالد هاذ العام مابغاش يشري لينا حتى الكتب والأدوات كيما كان كايدير من قبل، بدا تايقول لينا أنتوما كبرتو وخاصكم تبداو تعولو على راسكوم. ما كوناش كانعتقدو أن الوقاحة ديال الوالد تقدر توصل بيه حتال هاذ الدرجة، وماعرفناش علاش خلانا حتى المرحلة المهمة من المشوار الدراسي ديالنا ودار معانا هاكا، وحتى فاش كاتبغي الواليدة تهدر معاه كايبدا يغوت ويهرس أي حاجة قدامو، وكايعايرها بأنها ناقصة عقل ودين، وحنا ماكانتش عندنا القدرة باش نواجهوه، لأن الصورة ديالو كأب كانت مازال مترسخة في العقول والأذهان ديالنا.
الواليدة ماعرفات ماتدير مسكينة، باعت الذهب اللي كان عندها باش تشري لينا الكتب والأدوات ديال الدخول المدرسي، أما الوالد مابقاش همو إطلاقا، وحتى الفواتير ديال الضوء والماء والأنترنيت مابقاش كايخلصهوم. شافت الواليدة حتى عيات وبدات كاتصايب الحلوى في الدار وكاتبيعها للناس والجيران اللي كانوا من قبل ديما كايشكروها على البراعة ديالها في صنع الحلويات، غير باش تعاون شوية على مصروف الدار والإحتياجات ديالنا، واخا شي وحدين كانوا كايقتلوها غير بالكريدي، وشحال من مرة فاش كانوا كايشوفوها في السوق ولا في الزنقة كايقلبو الطريق باش ماتجبدش معاهوم موضوع الفلوس اللي كاتسالهوم، وواخا الواليدة كانت كاتدير ما في جهدها مسكينة على قبلنا كان ذاكشي ماكايكفيناش. فكرت حتى عييت واتخذت قرار باش ننتقم من الوالد.
فاش شفت أن الأمور سايرة على ذاك المنحى وغادية وكاتكفس، وذاكشي اللي كاديرو الواليدة ماكيوفرش المصروف الكافي ديال الدار، قررت أنني ننتقم من الوالد بأي طريقة.
في الأول فكرت أنني نسرق ليه ذيك القطة اللي النهار وماطال وهو كايلعب معاها ونديها لشي بلاصة ونذبحها ولا نقجها، ولكن هي أشنو ذنبها مسكينة، واخا أنه كان كايعاملها أحسن منا وديما كايشري ليها الماكلة ومواد التنظيف الخاصة بيها وحنا ناسينا وهاملنا لكن فاش كانتفكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكيفاش أن الله عذب امرأة حيث حبست قطة وموتاتها بالجوع كانتراجع على هاذ الفكرة، وحتى أنا نيت ماشي من طبعي ولا من أخلاقي نأذي شي حد. عييت من التفكير حتى جاتني واحد الفكرة باش ننتقم من الوالد غير بالفن، ونحرجو مع الناس ديال الدرب لربما يقدر يراجع تصرفاته معانا (أو هكذا كان كيسحاب ليا في الأول).
مشيت لقهوة "الياسمين" القهوة الكبيرة ديال الدرب اللي كايريح فيها الوالد مرة مرة، وهضرت مع مولاها وقلت ليه أنني كانقلب على خدمة. بقى كايشوف فيا شحال وبدا كايضحك وقال ليا:
ـ أنت راه خاصك تكون هو الباطرون ديال القهوة، ماشي غير خدام فيها. أش باغي تخدم أولدي عبد الحكيم؟
ـ أي حاجة كيفما كانت. نسربي الناس، ولا نغسل الكيسان، ولا أي حاجة، المهم نخدم.
سولني: "إيه، وقرايتك؟". سكت ماعرفت باش نجاوبو. حتى هو بقى ساكت وقاليا: "أنت باينة عليك باغي تجبد لينا الصداع مع الوالد ديالك".
فاش شفتو متردد عاودت طلبتو وبقيت معاه لاصقو حتى وافق في الأخير، ولكن شرط عليا أن خدمتي غادي تقتصر فقط على تشطاب القهوة في الليل ونجمع الطبالي والكراسى قبل ماتسد، لأنه قاليا عندو 3 ديال السرباية، وامرأة كاتغسل الماعن، وماكايناش ضرورة أنه يزيد شخص أخر، وأنني عندي قرايتي ومانقدرش نخدم في النهار. وافقت بسرعة واتفقت معاه على أجرة 700 درهم في الشهر، وكأس ديال القهوة كل يوم فابور. وطلب مني باش نجي ذيك الليلة باش نبدا الخدمة، وذاكشي فعلا اللي كان، مع العشرة كنت تما وبديت الخدمة.
هاذشي ماقلتو لحتى حد، واخا الواليدة بدات كاتلاحظ الغياب المتكرر ديالي كل ليلة على الدار، وبعد المرات ماكانجي حتال 11 ونصف ديال الليل، وكنت كل مرة كانخترع ليها شي مبرر، وهي مسكينة كانت متعودة على أن الوالد هو اللي كايهتم بهاذ الأمور من قبل، أما دابا فهي محطوطة أمام الأمر الواقع. والوالد مابقاش مسوق نهائيا واخا مانباتش في الدار كاع، لكن قررت أنني نكمل.
في الأيام الأولى كنت كانجي مهلوك للدار، وكانحس ظهري بغا يتقسم، لأنني ماكنتش متعود على ذيك تامارة، ولكن مع مرور الأيام بديت كانولف، وبقات الأمور هاكاك حتى لذاك النهار اللي تسلمت فيه أول خلصة ديالي ورجعت للدار فرحان.
واخا الخلصة كانت قليلة، ولكن حسيت براسي أنني حققت شي إنجاز كبير، ووليت شخص قادر على تحمل المسؤولية. دخلت الدار ومشيت ديريكت عند الوالدة في الكوزينة وعطيتها الفلوس.
ـ ديالاش هاذو أولدي؟
ـ هاذو غير شي بركة ديال الفلوس خليهوم عندك، تقدري تحتاجيهوم في مصروف ديال الدار...
الواليدة تدهشت وسولاتني: "أويلي منين جبتيهوم؟"
ذيك الساعة بديت كانحكي ليها القصة كاملة وقلت ليها أنني كانشطب القهوة في الليل، وأن هاذ الفلوس هي الشهرية ديالي مقابل ذاك العمل...مازال ماكملتش الهضرة حتى حسيت بواحد التصرفيقة فحنكي حتى بداو كيبانو ليا النجوم. وبدات كاتبكي وكاتغوت: "أنا ضاربة عليكوم تامارة باش تديوها في قرايتكوم وأنت كاتجازيني بتشطاب القهواي...". ماعرفت كيفاش حتى سلات موس من الشبكة ديال الماعن ومشات عند الوالد بالزربة للصالون، بديت كانغوت على أختي سلوى وحسيت بشي حاجة خايبة غادي توقع.
فاش شفت الواليدة هزات الموس وغادية بالزربة للصالون فين كايريح الوالد، تخلعت وقلت صافي دابا الروح غادي تطيح لأنني أول مرة نشوفها تعصابت وتنرفزات بهاذ الطريقة. تبعتها بالجرى حتى وصلات عند الوالد، غير شافها هازة الموس وهو يقفز من بلاصتو.
غوتات عليه: "شوف أذاك القمار، قسما بالله وإيلا مادرتي حل مع ولادك حتى نذبحك، خرجتي ليا ولادي للزنقة كايشطبو القهاوي وأنت جالس مريح ليا هنا وبالك هاني."
الوالد تصدم وبقى ساكت، حيث حتى هو أول مرة يشوف الواليدة كاتهضر معاه بهاذ الطريقة، لأنها من قبل كانت غير حانية الراس. فذيك اللحظة هبطات أختي سلوى بالجرى، غير شافت ذاك المنظر وهي تبدا تغوت. فاش تلفتات ليها الواليدة ولقاتها كاتشوفف فيها وهي تلوح الموس من يديها، وبدات كاتبكي ومشات لبيتها وسدات عليها.
الأمور ماتبدلاتش بزاف من بعد، الشيء الوحيد اللي تغير هو أن الوالد ولا كايجيب لينا التقدية كل أسبوع، وكايخلص فواتير الماء والضوء والأنترنيت. ولكن في نفس الوقت ولا كايدير شي تصرفات كاتخلينا نشكوا فيه واش تسطى. كان كل ليلة كايجيب أوراق "الكيشي" ديال البنك اللي فيها كشف الحساب، كايشوف الحساب الكبير ديالو وكايبدا يفرك فيديه وكايضحك بحال شي هبيل، وفاش كايسالي كايتلفت على اليمين والشمال، وكايخبي ذيك الورقة مع الأوراق الأخرين فواحد الميكة تحت المخدة وكايطفي الضوء وكاينعس.
دغيا سالات القراية، وكيما كنت متوقع من قبل مانجحتش في الدراسة ديالي. القراية مابقاتش كاتدخل ليا للراس، واخا مانعرف أشنو ندير ونحاول ولكن في الأخير والو، وكرهت ذيك الثانوية وما يجي منها، واخا أنا كنت من قبل كنت كانجي ديما ضمن المتفوقين الأوائل.
أما أختي سلوى تبارك الله عليها جات هي الأولى على صعيد الأكاديمية، واستقبلوها في النيابة ودارو ليها حفل تكريم، ودفعات لكلية الطب في مراكش وتقبلات. أما أنا قررت نخرج من القرايا واخا الواليدة عيات معايا، ولكن قررت ندير ذاكشي اللي فراسي.
وليت كانبيع ونشري في البورطابلات، واخا الأرباح ديالو قليلة خصوصا وأنه ماعنديش محل، ولكن كانقدر نوفر المصروف ديالي، وكانصيفط الفلوس لأختي سلوى باش تعاون بيها على الكراء ومصروف المعيشة الغالية في مراكش، خصوصا وأنها ماعندهاش المنحة، والفلوس اللي كاتصيفط ليها الواليدة قليلة.
ماشي هذا هو المسار اللي كنت راسمو لحياتي، ولكن الظروف هي اللي حطاتني فهاذ الموقف. أما ذاك الوالد كاع ماهو فهاذ العالم، وكاع مامسوق كيف العادة.
النهار وماطال وأنا جالس في القهوة ولا فراس الدرب مع الدراري صحابي، وفي الليل كانجي للدار نتكونيكتا وندخل لمواقع الشات والتعارف وكانبقى بعض المرات سهران حتى كايطلع الضوء ديال الصباح، بديت كانحس بالفراغ فحياتي، حتال واحد النهار تعرفت على واحد الكندية من مدينة "Trois-Rivieres" في كيبيك، وغادي تبدا ليا معاها قصة أخرى.
وليت كانحس بالرتابة في حياتي، كنت كانتمنى أن الوالد يحن قلبو ويدير ليا شي بيعة وشرية بحالي بحال الناس، ولا غير يدخل معايا شريك فشي مشروع صغير، هو بالفلوس وأنا بالعمل والمجهود، ولكن اللي فراسو فراسو.
كيما حكيت ليكوم وليت كانبيع ونشري في البورطابلات، وولات عندي هواية باش نحلهوم ونهبش فيهوم، واكتشفت أن الإصلاح ديالهوم ماكيحتاجش بزاف ديال الخبرة، وحتى فاش كانوحل كانمشي نقلب في الأنترنيت وكانلقى ديما الأجوبة، وبشوية بشوية وليت كانصايب حتى "البيسيات"، وولاو الناس كايعيطو ليا غير بـ"الدكتور"، حيث وليت كانتقن ليهوم الشغل، واللي بغاني كايعيط ليا في التليفون ولا يجي عندي للقهوة فين كانريح حيث ماكانش عندي محل فين نخدم.
فذيك الفترة تعرفت على واحد الكندية في موقع "Jecontacte.com"، عندها 30 عام ولكن إيلا شفتيها غادي تعطيها أكثر من ذاك العمر. غليظة شوية ولكن عندها حقها من الزين، وكانت مزوجة من قبل من واحد الجزائري. دخلت للإسلام وبدلات سميتها من "باسكال" لـ "غالية". واخا كان فارق السن بيناتنا كبير، ولكن كان كيبان ليا فيها طريق الخلاص، لأنني مابقيتش مازال حامل نجلس هنا.
توطدت العلاقة بيني وبين غالية، كنا كانهضرو يوميا في السكايب. كانت ديما كاترسل ليا الهدايا من كندا، مرة حوايج مرة روايح، كل مرة وشنو، حتى طلبت منها أنها ماتبقى تصيفط ليا والو باش ماتقولش أنني كانستغلها. بقينا هاكاك حتى قررت أنها تجي عندي للمغرب.
الواليدة كانت معارضة فكرة أنني نتزوج بامرأة كبر مني في العمر واخا تكون أجنبية، خصوصا فاش تلاقات بيها وشافتها. كانت غالية كاتبان ليا انسانة حنونة وعطوفة وقلبها كبير، واقيلا حيث كان عندها فراغ عاطفي ومانجحاتش باش تدير علاقة من قبل مع شاب كندي لأن الكنديين في "كيبيك" على حساب ماقالت ليا (واللي عرفت من بعد) ماكيحملوش العيالات الغلاظات.
درنا جولة في المغرب وعجباتها الطبيعة والجو وحتى العادات ديال المغرب. وفاش رجعات اقترحت عليا باش نتزوجو ونجي نسكن معاها في كندا. بصعوبة كبيرة حتى قنعت الواليدة، وحتى الوالد فاش فاتحناه في الموضوع ماكانش عندو إعتراض، وبدينا أنا وغالية في الإجرءات ديال الزواج.
فذيك الوقت ماكانتش الأمور مزيرة في القنصليات كيما دابا، خصوصا وأنه كاين ديال 12 سنة بيناتنا، كولشي داز بالزربة، ولقيت راسي في طيارة وغادي لكندا.
مشيت بالجرى للجيهة ديال الباب نشوف شكون، واخا مازال ماكملتش حوايجي في اللبوس، هو يبان ليا الوالد كايسد في الباب ديال الدار وهاز فيديه الصاك ديالو...فذيك اللحظة تبلوكيت ماعرفت ماندير، واش نمشي نتلاح عليه نعنقو ولا نرجع لبيتي نلبس حوايجي عاد نسلم عليه، ولكن مشيت تلاحيت ليه على ظهرو وعنقتو، وحتى هو فاش شافني فرح وعنقني، وتمنيتو فذيك اللحظة يرجع الأب ديالي كيما كنت كانعرفو من قبل، ولكن للأسف حتى حاجة من ذاكشي ماكانت.
أختي سلوى فاش سمعت غواتي بالفرحة ديال رجوع الوالد خرجات حتى هي من بيتها ومشات بالجرى عنده وتلاحت عليه عنقاتو وبدات كاتبكي، أما الواليدة غير طلات شافت أش كاين وهي ترجع لبيتها بلا ماتسلم عليه. وحالة البرود بيناتهوم بدات من ذاك النهار وبقات لمدة طويلة من بعد.
الخبر ديال فوز الوالد ديالي في اللوطو انتشر في الدرب كامل، والناس اللي كانوا كايعيطو عليا بولد السي الفقيه أو ولد الأستاذ دابا ولاو كايعيطو عليا بولد المليونير.
فذيك اليامات اللي من بعد بداو العائلة والجيران كايجيو يباركوا للوالد الربحة ديالو في اللوطو. كان كايشعر في الأول بنوع من الإحراج خصوصا وأنهم ولفوه متدين وداخل سوق راسو، ولكن مع مرور الوقت ولا كايجيه الأمر عادي.
الدار كانت ماكاتخواش بالناس. كانوا شي عناصر ماعندهومش علاش يحشموا، ها اللي جاي يخطب فأختي سلوى، ها اللي كايطلب من الوالد يسلفو الفلوس، ها اللي كايقترح عليه يدخل فشي مشروع...ولكن اللي جاب ليا التمام هو فاش جا عمي وعائلتو اللي عمرني ماشفتهوم.
سمعت الدقان في الدار بالجهد حتى قفزت من بلاصتي بالخلعة. آوه شكون غادي يدق علينا بهاذ الطريقة؟ حليت الباب لقيت واحد السيد واقف ومعاه امرأة وجوج بنات، الكبيرة فيهوم كاتبان قدي في السن، غير حليت الباب وهو يتم داخل للدار.
ـ أفين باغي تدخل أ الشريف؟
دار لجيهتي بحالا يالاه شافني: "أهلا عبد الحكيم ولدي، لاباس عليك؟ وا كبرتي تبارك الله. واش ماعرفتينيش؟"
قلت ليه :"لا سمح ليا ماعرفتكش، شكون أنت؟"
جاوبني قاليا: "أنا عمك عمر ديال الجديدة".
فذيك اللحظة جات عندنا الواليدة ورحبات بيهوم وقالت ليهوم باش يتفضلو. جلسوا في الصالون وجات أختي سلوى سلمت عليهوم وتبعت الواليدة للكوزينة، واضطريت أنني نبقى جالس معاهوم في الصالون.
هاذ الناس مادخلوش ليا لقلبي والو، الهضرة ديالهوم باسلة وكايحنززو فيا بحالا عمرهوم ماشافوا بنادم. ماقدرتش مازال نزيد نبقى جالس معاهوم وخليتهم ومشيت.
هاذ عمي هو معلم وساكن في الجديدة، كان كل صيف كايجي يهبط لآسفي، وعمرو في حياتو مافكر أنه يجي يزورنا ويشوف ولاد خوه، علاش دابا يالاه بان؟ وأش جابو لعندنا؟
خرجت ومشيت للقهوة اللي كايجلس فيها الوالد باش نعلمو أن خوه جا عندنا للدار وكايتسنى فيه، غير قلتها ليه وهو يتفاجئ ودار فيا واحد الدورة خايبة: "تفو ماكاتجيب ليا غير الأخبار المكفسة بحال وجهك". ماعرفتش علاش عايرني بحال هاكا، وأنا مادرت والو غير خبرتو وصافي، إيلا كانت شي عداوة كبيرة بيناتهوم أنا مالي.
خليت الوالد في القهوة ومشيت لـ "البارك" فين تايكونو ولاد الدربمجموعين، مابغيتش نرجع للدار وذوك القماقم مازال كاينين. غير شافوني الدراري صحابي وهوما بداو يغوتو، ها اللي يقول "هاهو ولد المليونير جا"، ها اللي كايهنئني واخا ماكانعرفوش. مالقيتش راحتي، خليتهوم ومشيت كانتسركل شوية ورجعت فحالي للدار.
فاش رجعت للدار لقيت الوالد جالس مع عمي في الصالون وكاتبان ليه في الملامح ديالو بحالا ماحاملش يجلس معاه. طلعت مباشرة لعند أختي سلوى للبيت ديالها ولكن لقيت بنات عمي معاها. شدني الفضول نسمع علاش كايهضر عمي والوالد حيث نقدر نفهم علاش جاو لعندنا. مشيت وجلست في الدروج اللي حدى الصالون فين مريحين وبديت نطلق وذني.
عمي: "كي شفتي دابا الوالد الله يرحمو راه وصانا باش نبقاو مجموعين ديما، ووصيتو ماخاصهاش تنسى".
الوالد: "فين كانت هاذ الوصية فاش وقفتي لينا العصى في الرويضة وبعتي حقك في الورث ودخلتي علينا البراني للدار؟".
عمي: "واصافي خلاص، ذاكشي راه فات، وكنت ذيك الساعة مزير شوية على الفلوس، هذا ماكان".
الوالد: "يمكن نعرف شنو فكرك فينا دابا؟".
عمي: "واغير سمعت أنك ربحتي في اللوطو وبغينا نجيو نبارك ليك، ومنها نيت نصلو الرحم، والوليدات يتعرفو على بعضياتهوم"
فذيك اللحظة جاني تليفون وطلعت للسطح نهدر وخليتهوم مكملين الجماعة، مادازش بزاف ديال الوقت حتى سمعت الواليدة كاتعيط عليا وسخراتني باش نجيب المونادا باش نتغداو.
الأغلبية ديال مالين الحوانت في الدرب كايسدو فهاذ الوقيتة، وكنت مضطر أنني نضرب جبدة باش نلقى شي حانوت حال. مشيت "الميني ماركت" تقديت ذاكشي اللي خاص ورجعت للدار.
فاش دخلت لقيت غير الوالد في الصالون، كاعي وكايسب وكايهضر غير مع راسو. مشيت عند الواليدة في الكوزينة سولتها أش كاين، قالت ليا بأن الوالد وعمي تخاصمو وعيط عمي على مرتو وبناتو ومشاو.
فذيك اللحظة اللي بغيت نسولها على السبب، سمعنا شي حاجة كبيرة تهرسات في الصالون، مشينا كانتجاراو نشوفو أش كاين، لقينا المرايا الكبيرة ديال الصالون مهرسة والدم تايقطر من يد الوالد، وكايغوت بواحد الطريقة هستيرية: "كلكم طماعة، كلكم...حتى حد فيكوم مايبقى يطلب مني شي حاجة، ذاك السنتيم الأخر والله لا بقيتو شفتوه من عندي...
بقعة كبيرة ديال الدم كانت في الصالون، خرج الوالد بالجرى وتبعاتو الواليدة للسبيطار، وبقيت أنا وأختي سلوى في الدار. سولتها بانفعال بغيت نعرف منها أش جرا حتى خلا الوالد يتنرفز لهاذ الدرجة، وهي كانت كاتحاول تجاوبني ولكن ماقدراتش بسبب البكاء، ديتها لبيتها ومسحت ليها دموعها، وتسنيتها حتى بدلات حوايجها وخرجنا بالزربة لحقنا عليهوم السبيطار.
في الطريق قالت ليا أن ذاك عمي طلب من الوالد 50 مليون باش يحل شي قهوة، والوالد غير سمع الفلوس وهو يبدا يغوت ويتصرف بشكل هستيري، وذاكشي اللي واقيلا خلاه يضرب يديه مع المرايا اللي كانت في الصالون.
فاش وصلنا للسبيطار لقينا الواليدة واقفة كاتسنى حدا غرفة الإنعاش. الوالد تقطع ليه العرق ديال يديه وفقد بزاف ديال الدم، ودخل في مرحلة غيبوبة. كنا كلنا كانبكو. كان كايسحاب لينا واش كانكرهوه بسبب ذاكشي اللي داير فينا، ولكن فذيك اللحظة الحرجة حسينا بيه عزيز علينا وبغيناه يبقى بيناتنا. دازت العملية بنجاح، ودوز شي يامات في السبيطار ورجع للدار.
بعد ذيك الحادثة كان يسحاب لينا أن تصرفات ديال الوالد غادي تحسن اتجاهنا، لكن غير زادت وتكفسات، وولا بحال شي شخص ماكنعرفوهش. دار تقاعد نسبي من الخدمة وولا النهار وماطال وهو جالس في الدار وقليل بزاف فاش كايخرج للزنقة.
شرى فوقية وبلغة كايظل بيهم النهار كامل حتى كايبغي ينعس عاد كايحيدهوم، ولا توسخوا كايمشي يصبنهم بيديه ويتسناهوم حتى ينشفو عاد يقدر يخرج. كايكون غادي كايتمشى في الزنقة وكايبقى يتلفت بحالا تابعينو الشفارة، أما إيلا وقفو شي حد من الجيران ولا غير بغى يسلم عليه، كايشوفيه بنظرات ديال الريبة والشك وكايخليه ويمشي، وحتى السلام مابقى يسلمو. وباش زاد كملها بدى شرى قطة صفراء صغيرة، كايهزها وكايخرجها معاه برا الزنقة حتى بداو الناس كايسموه "أبو هريرة".
طلعت أنا وختي سلوى للسنة الثانية من الباكالوريا، والوالد هاذ العام مابغاش يشري لينا حتى الكتب والأدوات كيما كان كايدير من قبل، بدا تايقول لينا أنتوما كبرتو وخاصكم تبداو تعولو على راسكوم. ما كوناش كانعتقدو أن الوقاحة ديال الوالد تقدر توصل بيه حتال هاذ الدرجة، وماعرفناش علاش خلانا حتى المرحلة المهمة من المشوار الدراسي ديالنا ودار معانا هاكا، وحتى فاش كاتبغي الواليدة تهدر معاه كايبدا يغوت ويهرس أي حاجة قدامو، وكايعايرها بأنها ناقصة عقل ودين، وحنا ماكانتش عندنا القدرة باش نواجهوه، لأن الصورة ديالو كأب كانت مازال مترسخة في العقول والأذهان ديالنا.
الواليدة ماعرفات ماتدير مسكينة، باعت الذهب اللي كان عندها باش تشري لينا الكتب والأدوات ديال الدخول المدرسي، أما الوالد مابقاش همو إطلاقا، وحتى الفواتير ديال الضوء والماء والأنترنيت مابقاش كايخلصهوم. شافت الواليدة حتى عيات وبدات كاتصايب الحلوى في الدار وكاتبيعها للناس والجيران اللي كانوا من قبل ديما كايشكروها على البراعة ديالها في صنع الحلويات، غير باش تعاون شوية على مصروف الدار والإحتياجات ديالنا، واخا شي وحدين كانوا كايقتلوها غير بالكريدي، وشحال من مرة فاش كانوا كايشوفوها في السوق ولا في الزنقة كايقلبو الطريق باش ماتجبدش معاهوم موضوع الفلوس اللي كاتسالهوم، وواخا الواليدة كانت كاتدير ما في جهدها مسكينة على قبلنا كان ذاكشي ماكايكفيناش. فكرت حتى عييت واتخذت قرار باش ننتقم من الوالد.
فاش شفت أن الأمور سايرة على ذاك المنحى وغادية وكاتكفس، وذاكشي اللي كاديرو الواليدة ماكيوفرش المصروف الكافي ديال الدار، قررت أنني ننتقم من الوالد بأي طريقة.
في الأول فكرت أنني نسرق ليه ذيك القطة اللي النهار وماطال وهو كايلعب معاها ونديها لشي بلاصة ونذبحها ولا نقجها، ولكن هي أشنو ذنبها مسكينة، واخا أنه كان كايعاملها أحسن منا وديما كايشري ليها الماكلة ومواد التنظيف الخاصة بيها وحنا ناسينا وهاملنا لكن فاش كانتفكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكيفاش أن الله عذب امرأة حيث حبست قطة وموتاتها بالجوع كانتراجع على هاذ الفكرة، وحتى أنا نيت ماشي من طبعي ولا من أخلاقي نأذي شي حد. عييت من التفكير حتى جاتني واحد الفكرة باش ننتقم من الوالد غير بالفن، ونحرجو مع الناس ديال الدرب لربما يقدر يراجع تصرفاته معانا (أو هكذا كان كيسحاب ليا في الأول).
مشيت لقهوة "الياسمين" القهوة الكبيرة ديال الدرب اللي كايريح فيها الوالد مرة مرة، وهضرت مع مولاها وقلت ليه أنني كانقلب على خدمة. بقى كايشوف فيا شحال وبدا كايضحك وقال ليا:
ـ أنت راه خاصك تكون هو الباطرون ديال القهوة، ماشي غير خدام فيها. أش باغي تخدم أولدي عبد الحكيم؟
ـ أي حاجة كيفما كانت. نسربي الناس، ولا نغسل الكيسان، ولا أي حاجة، المهم نخدم.
سولني: "إيه، وقرايتك؟". سكت ماعرفت باش نجاوبو. حتى هو بقى ساكت وقاليا: "أنت باينة عليك باغي تجبد لينا الصداع مع الوالد ديالك".
فاش شفتو متردد عاودت طلبتو وبقيت معاه لاصقو حتى وافق في الأخير، ولكن شرط عليا أن خدمتي غادي تقتصر فقط على تشطاب القهوة في الليل ونجمع الطبالي والكراسى قبل ماتسد، لأنه قاليا عندو 3 ديال السرباية، وامرأة كاتغسل الماعن، وماكايناش ضرورة أنه يزيد شخص أخر، وأنني عندي قرايتي ومانقدرش نخدم في النهار. وافقت بسرعة واتفقت معاه على أجرة 700 درهم في الشهر، وكأس ديال القهوة كل يوم فابور. وطلب مني باش نجي ذيك الليلة باش نبدا الخدمة، وذاكشي فعلا اللي كان، مع العشرة كنت تما وبديت الخدمة.
هاذشي ماقلتو لحتى حد، واخا الواليدة بدات كاتلاحظ الغياب المتكرر ديالي كل ليلة على الدار، وبعد المرات ماكانجي حتال 11 ونصف ديال الليل، وكنت كل مرة كانخترع ليها شي مبرر، وهي مسكينة كانت متعودة على أن الوالد هو اللي كايهتم بهاذ الأمور من قبل، أما دابا فهي محطوطة أمام الأمر الواقع. والوالد مابقاش مسوق نهائيا واخا مانباتش في الدار كاع، لكن قررت أنني نكمل.
في الأيام الأولى كنت كانجي مهلوك للدار، وكانحس ظهري بغا يتقسم، لأنني ماكنتش متعود على ذيك تامارة، ولكن مع مرور الأيام بديت كانولف، وبقات الأمور هاكاك حتى لذاك النهار اللي تسلمت فيه أول خلصة ديالي ورجعت للدار فرحان.
واخا الخلصة كانت قليلة، ولكن حسيت براسي أنني حققت شي إنجاز كبير، ووليت شخص قادر على تحمل المسؤولية. دخلت الدار ومشيت ديريكت عند الوالدة في الكوزينة وعطيتها الفلوس.
ـ ديالاش هاذو أولدي؟
ـ هاذو غير شي بركة ديال الفلوس خليهوم عندك، تقدري تحتاجيهوم في مصروف ديال الدار...
الواليدة تدهشت وسولاتني: "أويلي منين جبتيهوم؟"
ذيك الساعة بديت كانحكي ليها القصة كاملة وقلت ليها أنني كانشطب القهوة في الليل، وأن هاذ الفلوس هي الشهرية ديالي مقابل ذاك العمل...مازال ماكملتش الهضرة حتى حسيت بواحد التصرفيقة فحنكي حتى بداو كيبانو ليا النجوم. وبدات كاتبكي وكاتغوت: "أنا ضاربة عليكوم تامارة باش تديوها في قرايتكوم وأنت كاتجازيني بتشطاب القهواي...". ماعرفت كيفاش حتى سلات موس من الشبكة ديال الماعن ومشات عند الوالد بالزربة للصالون، بديت كانغوت على أختي سلوى وحسيت بشي حاجة خايبة غادي توقع.
فاش شفت الواليدة هزات الموس وغادية بالزربة للصالون فين كايريح الوالد، تخلعت وقلت صافي دابا الروح غادي تطيح لأنني أول مرة نشوفها تعصابت وتنرفزات بهاذ الطريقة. تبعتها بالجرى حتى وصلات عند الوالد، غير شافها هازة الموس وهو يقفز من بلاصتو.
غوتات عليه: "شوف أذاك القمار، قسما بالله وإيلا مادرتي حل مع ولادك حتى نذبحك، خرجتي ليا ولادي للزنقة كايشطبو القهاوي وأنت جالس مريح ليا هنا وبالك هاني."
الوالد تصدم وبقى ساكت، حيث حتى هو أول مرة يشوف الواليدة كاتهضر معاه بهاذ الطريقة، لأنها من قبل كانت غير حانية الراس. فذيك اللحظة هبطات أختي سلوى بالجرى، غير شافت ذاك المنظر وهي تبدا تغوت. فاش تلفتات ليها الواليدة ولقاتها كاتشوفف فيها وهي تلوح الموس من يديها، وبدات كاتبكي ومشات لبيتها وسدات عليها.
الأمور ماتبدلاتش بزاف من بعد، الشيء الوحيد اللي تغير هو أن الوالد ولا كايجيب لينا التقدية كل أسبوع، وكايخلص فواتير الماء والضوء والأنترنيت. ولكن في نفس الوقت ولا كايدير شي تصرفات كاتخلينا نشكوا فيه واش تسطى. كان كل ليلة كايجيب أوراق "الكيشي" ديال البنك اللي فيها كشف الحساب، كايشوف الحساب الكبير ديالو وكايبدا يفرك فيديه وكايضحك بحال شي هبيل، وفاش كايسالي كايتلفت على اليمين والشمال، وكايخبي ذيك الورقة مع الأوراق الأخرين فواحد الميكة تحت المخدة وكايطفي الضوء وكاينعس.
دغيا سالات القراية، وكيما كنت متوقع من قبل مانجحتش في الدراسة ديالي. القراية مابقاتش كاتدخل ليا للراس، واخا مانعرف أشنو ندير ونحاول ولكن في الأخير والو، وكرهت ذيك الثانوية وما يجي منها، واخا أنا كنت من قبل كنت كانجي ديما ضمن المتفوقين الأوائل.
أما أختي سلوى تبارك الله عليها جات هي الأولى على صعيد الأكاديمية، واستقبلوها في النيابة ودارو ليها حفل تكريم، ودفعات لكلية الطب في مراكش وتقبلات. أما أنا قررت نخرج من القرايا واخا الواليدة عيات معايا، ولكن قررت ندير ذاكشي اللي فراسي.
وليت كانبيع ونشري في البورطابلات، واخا الأرباح ديالو قليلة خصوصا وأنه ماعنديش محل، ولكن كانقدر نوفر المصروف ديالي، وكانصيفط الفلوس لأختي سلوى باش تعاون بيها على الكراء ومصروف المعيشة الغالية في مراكش، خصوصا وأنها ماعندهاش المنحة، والفلوس اللي كاتصيفط ليها الواليدة قليلة.
ماشي هذا هو المسار اللي كنت راسمو لحياتي، ولكن الظروف هي اللي حطاتني فهاذ الموقف. أما ذاك الوالد كاع ماهو فهاذ العالم، وكاع مامسوق كيف العادة.
النهار وماطال وأنا جالس في القهوة ولا فراس الدرب مع الدراري صحابي، وفي الليل كانجي للدار نتكونيكتا وندخل لمواقع الشات والتعارف وكانبقى بعض المرات سهران حتى كايطلع الضوء ديال الصباح، بديت كانحس بالفراغ فحياتي، حتال واحد النهار تعرفت على واحد الكندية من مدينة "Trois-Rivieres" في كيبيك، وغادي تبدا ليا معاها قصة أخرى.
وليت كانحس بالرتابة في حياتي، كنت كانتمنى أن الوالد يحن قلبو ويدير ليا شي بيعة وشرية بحالي بحال الناس، ولا غير يدخل معايا شريك فشي مشروع صغير، هو بالفلوس وأنا بالعمل والمجهود، ولكن اللي فراسو فراسو.
كيما حكيت ليكوم وليت كانبيع ونشري في البورطابلات، وولات عندي هواية باش نحلهوم ونهبش فيهوم، واكتشفت أن الإصلاح ديالهوم ماكيحتاجش بزاف ديال الخبرة، وحتى فاش كانوحل كانمشي نقلب في الأنترنيت وكانلقى ديما الأجوبة، وبشوية بشوية وليت كانصايب حتى "البيسيات"، وولاو الناس كايعيطو ليا غير بـ"الدكتور"، حيث وليت كانتقن ليهوم الشغل، واللي بغاني كايعيط ليا في التليفون ولا يجي عندي للقهوة فين كانريح حيث ماكانش عندي محل فين نخدم.
فذيك الفترة تعرفت على واحد الكندية في موقع "Jecontacte.com"، عندها 30 عام ولكن إيلا شفتيها غادي تعطيها أكثر من ذاك العمر. غليظة شوية ولكن عندها حقها من الزين، وكانت مزوجة من قبل من واحد الجزائري. دخلت للإسلام وبدلات سميتها من "باسكال" لـ "غالية". واخا كان فارق السن بيناتنا كبير، ولكن كان كيبان ليا فيها طريق الخلاص، لأنني مابقيتش مازال حامل نجلس هنا.
توطدت العلاقة بيني وبين غالية، كنا كانهضرو يوميا في السكايب. كانت ديما كاترسل ليا الهدايا من كندا، مرة حوايج مرة روايح، كل مرة وشنو، حتى طلبت منها أنها ماتبقى تصيفط ليا والو باش ماتقولش أنني كانستغلها. بقينا هاكاك حتى قررت أنها تجي عندي للمغرب.
الواليدة كانت معارضة فكرة أنني نتزوج بامرأة كبر مني في العمر واخا تكون أجنبية، خصوصا فاش تلاقات بيها وشافتها. كانت غالية كاتبان ليا انسانة حنونة وعطوفة وقلبها كبير، واقيلا حيث كان عندها فراغ عاطفي ومانجحاتش باش تدير علاقة من قبل مع شاب كندي لأن الكنديين في "كيبيك" على حساب ماقالت ليا (واللي عرفت من بعد) ماكيحملوش العيالات الغلاظات.
درنا جولة في المغرب وعجباتها الطبيعة والجو وحتى العادات ديال المغرب. وفاش رجعات اقترحت عليا باش نتزوجو ونجي نسكن معاها في كندا. بصعوبة كبيرة حتى قنعت الواليدة، وحتى الوالد فاش فاتحناه في الموضوع ماكانش عندو إعتراض، وبدينا أنا وغالية في الإجرءات ديال الزواج.
فذيك الوقت ماكانتش الأمور مزيرة في القنصليات كيما دابا، خصوصا وأنه كاين ديال 12 سنة بيناتنا، كولشي داز بالزربة، ولقيت راسي في طيارة وغادي لكندا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق